"رفيق السوء".. ملجأ للمراهق إذا فقد دفء الأسرة!



يميل الإنسان بطبيعته لمخالطة الناس وكسب الأصدقاء، فالصحبة مطلب لا يمكن الاستغناء عنه خصوصاً في مرحلة المراهقة، ولكن ماذا لو كان الرفيق سيئاً في تلك المرحلة بالذات؟!

بينت المرشدة التربوية في مدرسة الجليل بغزة أ. سهير جودة أن الإنسان يكون أشد حرصا على الانضمام لشلة في مرحلة "المراهقة" لأنه يبدأ بتكوين ذاته ويشعر أنه انسلخ عن الصغار ، فيسعى لبناء شخصية مستقلة ذات آراء ومعتقدات خاصة.

إلا أن أصدقاء السوء موجودون في كل مرحلة عمرية- حسب أ. جودة- لكن المخاطِر التي تنتاب مرحلة المراهقة تدفعنا للتركيز عليها، مضيفةً:" صديق السوء هو "نافخ الكير" إذا اقتربتَ منه اكتويت بناره والعكس مع حامل المسك الذي تشتم منه الريح الطيبة".

ومن العلامات على وجود صديقٍ سيئ التي لابد للأم أن تتنبه لها تخبرنا أ. جودة:"أن تجد ابنها يكذب ويتمرَّد ثم يضعف مستواه الدراسي، ولا يطيع والديه، إلى جانب هروبه من الحصص المدرسية، وكثرة استخدام الجوال بصوت منخفض، وإغلاق الباب على نفسه والجلوس بمفرده لفترات طويلة على الحاسوب، والخوف من أن يأتي نظره بنظر أحد والديه فينكشف سره، وتأخر العودة إلى البيت وتسويغ ذلك بأسباب غير مقنعة، والتواصل مع شخص معين دون أن يبدي أسباب هذه العلاقة، وعدم رغبته في التواصل بين الأهل والمدرسة، وغيرها..".

وأشارت إلى أن صديق السوء يقترب من المراهق السَّوِيِّ إما طمعاً في مادياته، أو غيرة منه، أو أنه يريد أن يجعله منه فاشلاً مثله فيعلمه السرقة والانحراف الأخلاقي والسلوكي.

واستكملت حديثها:" في بعض الأحيان قد يلجأ المراهق بنفسه إلى رفيق السوء لمصاحبته والمشي معه كنوع من الانتقام والتمرد على الوضع العائلي، والرغبة في تقليد الطرف الآخر، والتمرد على المجتمع نتيجة تعرضه لظلم أو قهر، بالرغم من علمه بأن ما يقوم به فعلٌ خاطئ، إلا أنه يريد أن يضرب القوانين والمثل في عرض الحائط كنوع من تفريغ طاقة".

دفء أسري
وتفادياً لرفقة أبنائنا لأصدقاء السوء شدَّدت أ. جودة على ضرورة توفر الدفء الأسري، والقدوة الصالحة دوماً أمام عيني المراهق، إلى جانب وجود مساحة من الحرية ليعبر فيها عن رأيه ويستمع له والداه، وهنا يصبح من الصعب أن يسحبه صديق السوء، مُتبِعةً:" صديق السوء يلعب على وتر حساس فعندما يفقد الابن العلاقة الحميمة مع والديه فإنه يجدها في الخارج لكنها سرعان ما تتحول إلى علاقة شيطانية".

فالدور الأول والأخير يرجع للأسرة كما أخبرتنا أ. جودة في الحفاظ على سواء المراهق وعدم انجراره لأولئك الرفاق، "هذا إلى جانب تواصل الوالدين المستمر مع الأبناء ، وزرع الجوانب الدينية والقيم الأخلاقية منذ الصغر في نفوسهم، واعتاد الصراحة بين الوالدين والأبناء، فعلى الأم أن تستمع يومياً لابنتها ، وألا تؤنبها بصفة مستمرة، وتحفظ سرها، وأن تشعرها بأنه من الطبيعي أن تمر بمثل تلك المواقف من خلال ضرب الأمثال وسرد بعض القصص"، على حد قول المستشارة التربوية.

وأكدت أ.جودة أن تربية الأبناء على القيم الصحيحة ومراقبة تصرفاتهم وسلوكهم من بعيد تخلقان قدرة لدى الابن نفسه على اختيار الصديق المناسب.

وفي حال شعر الوالدان بأن الصديق غير مناسب يجب أن يبعدا ابنهما لكن من غير قهرِه وإلقاء اللوم والتهديد، بل يجب أن يكون ذلك بالنصيحة فمن تبعده عنه بالقوة يتمسك به أكثر، لما يعتري الابن من عناد في تلك المرحلة.

إبراز الشخصية الملتزمة
وأوضحت أن المدرسة لها دور في تعزيز السلوك الإيجابي بإبراز الشخصية الملتزمة شكلاً وأخلاقاً وعلماً، فهذا يخلق نوعاً من الغيرة والرغبة في المحاكاة، إضافة إلى إبراز الشخصية المستهترة من خلال توجيه اللوم واستدعاء ولي الأمر وحرمانها الحضور للمدرسة لمدة يومين أو ثلاثة فيصبح أمام الطالب أنموذجان عليه أن يختار أحدهما.

إضافة إلى دور المرشد الاجتماعي بتوضيحه طبيعة الرفيق السوء وكيف يؤدي به إلى الهلاك والصديق الملتزم الذي يرفع من قدره – حسب أ. جودة.
Comments
0 Comments